روايه للكاتبه سهام صادق

موقع أيام نيوز


صغيرة 
استدار سفيان بجسده نحوها ثم ابتسم 
هي دي المشكلة اللي عند الحاجة صباح 
قالها ثم اتجه نحو سيارته تحت أنظار منار التي حدقت به بذهول وسرعان ما كانت تبتسم إبتسامة عريضة 
هو شكله مهتم ولا إيه 
طيلة طريق عودتهن الذي إتخذنه سيرا على الأقدام كانت تغريد تتحدث بتمني أن يحالفها الحظ وتكون كنة لتلك العائلة وبهيام وأمل أردفت

شوفتي يا سلسبيل كان قاعد في الجنينة تحت رغم إن كان باين عليه اول ما وصلنا إنه خارج تفتكري ليه 
ابتسمت سلسبيل وهي شاردة تتذكر حديث مروة عن حاتم شقيقها الذي ربما يعود لبلدتهم ويخدم بها مرة أخرى 
سلسبيل أنت معايا 
إنتبهت سلسبيل على صوت تغريد لتسألها 
أنت كنتي بتقولي حاجة
توقفت تغريد عن السير وبنظرة ماكرة رمقتها 
طيب أنا عقلي مبقاش فيا بسبب الحب أنت بقى إيه السبب بتحبي ولا إيه
جلى الإرتباك بوضوح على وجه سلسبيل ثم أسرعت بإشاحة عيناها عن تغريد وواصلت سيرها 
تغريد هنتأخر في الرجوع ياريت تمشي بسرعة 
باغتتها تغريد بجذبها لذراعها قائلة بنبرة صوت حالمة 
مش عايزة تعرفي أنا إزاي حبيبت سفيان الراشد
والفضول بالفعل كان يسيطر على سلسبيل التي توقفت عن السير والټفت نحوها لتتسع إبتسامة تغريد ثم تأبطت ذراعها واستطردت 
الحكاية بدأت من سنتين 
زفرة طويلة خرجت من صدر تغريد ثم بدأت تسرد قصة إعجابها به 
أنا مش عارفة أنت تعرفي موضوع حاډثة اخوه الكبير ولا لأ 
رفرفت سلسبيل بأهدابها وقد تذكرت ذلك الحاډث الذي أخبرهم عنه شقيقها ذات ليلة 
بيتهيألي إني سمعت عنها 
لتواصل تغريد ما تتوهمه من مشاعر 
سواق اخوه الكبير كان ابن عمي يا سلسبيل 
توقفت سلسبيل عن السير ثم إلتفت جهتها لتخرج تنهيدة حارة من بين شفتي تغريد 
الله يرحمه ماټ في الليلة دي ومن ساعة الحاډثة عيلة الراشد بقت مسئولة عن عيلة عمي لأن حمدي ابن عمي كان وحيد امه وابوه على تلات بنات وطبعا بعد ۏفاته مبقاش ليهم مصدر رزق لأن عمي مجرد راجل أرزقي بيبيع خضار وكان شغل حمدي مع عيلة الراشد هو اللي ممشي الدنيا معاهم 
شعرت سلسبيل بالأسي نحو ذلك الشاب ونحو تلك العائلة 
الشهادة لله يا سلسبيل من يوم ۏفاة حمدي وهما فعلا مش سايبين حد من عيلة عمي سماح بنت عمي جهزوها احلى جهاز و سفيان حضر فرحها 
إلتمعت عيني تغريد عندما تذكرت صاحب الأعين السوداء والشعر الأسود الناعم 
وكل فترة يغيب يغيب ويجي يزور بيت عمي ده غير الشهرية بتاعتهم بتوصل ليهم في ميعادها 
وأردفت تغريد وقد تسارعت دقات قلبها 
على فكرة هو اللي اتوصتلي في صيدلية دكتور محمد 
احتلت الدهشة ملامح سلسبيل لكنها لم تعقب وتركت تغريد تفيض لها بتلك المشاعر التي تشترك بها هي أيضا نحو ابن العم الأخر 
من سنة وانا عيني عليه يا سلسيل لكن عمره ما اتلفت ليا اول ما بعرف إنه عند عمي بنزل من شقتنا جري عشان اشوفه 
مشاعر عدة ومتضاربة اخترقت قلب سلسبيل لتخرج منها تنهيدة قوية 
يعني عمره ما اتلفت ليكي وأنت معلقة نفسك بيه يا تغريد 
لتبتسم تغريد وهي تدفع ذلك الحجر الصغير بحذائها 
عندي أمل إني ألفت نظرة في يوم واهو النهاردة حسيت ان فيه إشارة خصوصا إنه فضل موجود رغم إنه مش بيقعد كتير في البيت 
ارتفع أحد حاجبي سلسبيل في دهشة وتساءلت بفضول 
عرفتي منين إنه مش بيقعد في البيت كتير واختارتي ليه يوم الجمعه بالذات 
إنفلتت من بين شفتي تغريد ضحكة رن صداها حولهما لتزجرها سلسبيل بنظره منها حتى تتوقف عن الضحك ولا تلفت الأنظار نحوهما 
الواحدة مننا لما بتحب توصل لراجل يا سلسبيل لازم تستخدم كل الأسلحة المتاحة عندها وأنت عشان صاحبتي هقولك بقيت اعرف منين كل حاجة عنه 
فغر فاه سلسيل في دهشة وهي تستمع إليها ف تغريد صارت تضع سفيان ڼصب عينيها 
يعني جارتك اللي شغاله عندهم بتجبلك معلومات عنه
لتومئ تغريد برأسها وهي تخرج قطعه من الحلوى التي أعطتها لهم مروة من حقيبتها قائلة وهي تزيل عنها مغلفها وتدسها بين شفتيها 
والدته حاليا بتدور ليه على عروسة وبتلح اوي على الموضوع ده 
دهشة أشد احتلت ملامح سلسبيل وسرعان ما كان يخرج تساؤلها 
عشان كده اصريتي وإحنا نازلين ندخل نسلم على الحاجة صباح 
إلتمعت عينين تغريد بأمل وقالت وهي تلوك الحلوى بفمها 
أهو بنسعى يا سلسبيل و ده مش أي حد ده سفيان الراشد  
ارتفعت قهقهة هبة عاليا وهي تستمع لما تخبرها به سلسبيل 
أنت لازم تصاحبي تغريد عشان تتعلمي منها النصاحة 
قضمت سلسبيل الجزرة التي بيدها ورمشت بأهدابها 
شكلي فعلا عايزة دروس من تغريد مش منك يا هبة 
إلتوت شفتي هبة وحركت الهاتف من على أذنها اليمني إلى الأخرى 
بقى دي آخرتها أنت اللي مش بطبقي نصايحي صح 
تنهدت سلسبيل بقوة ثم أخفضت عيناها نحو أظافر رجلها المطلية 
تغريد جميله ما شاء الله يا هبة واكيد بعد روحتنا بيتهم عرفت تلفت نظرة 
لتستكمل سلسبيل كلامها عندما تذكرت ما أخبرتها به تغريد اليوم 
وإن يجي الصيدلية يومين ورا بعض بحجة شكل يأكد فعلا كده 
أهو شوفتي بيختار ايام الشيفت بتاعها عشان يجي 
قالتها هبة وسرعان ما كانت تواصل كلامها حتى تعطي صديقتها أملا بأن يكون حاتم هو الآخر إلتفت إليها 
متنسيش حضرت الظابط برضو في آخر اجازة ليه بقى مقضي وقته في الصيدلية 
توردت وجنتين سلسبيل عندما تذكرت مداعباته لها بالحديث مؤخرا وملاطفته لها لكن كل هذا تلاشى في ثواني معدودة 
بعتله متابعه على الإنستا يا هبة وقبله لكن لحد دلوقتي محاولش يراسلني ده غير البنت اللي بقولك عليها على طول بتعلق على صوره 
زمت هبة شفتيها ثم قالت وهي ترج رضعة صغيرها 
مسيرنا هنعرف مين هي بس دلوقتي قوليلي حطيتي صورة حلوه ليكي 
أغمضت سلسبيل عينيها ثم زفرت أنفاسها وردت بحيره 
حطيت يا هبة أنا خاېفه اكون عايشه على أمل كداب 
شعرت هبة بضيق صديقتها فهتفت بمزاح حتى تخرجها من تلك الحالة 
لأ اعملي بنصيحة تغريد وكملي سعي خليكي زي تغريد اهي جابت رجل سفيان الراشد 
ارتفعت قهقهة هبة مجددا فشاركتها سلسبيل الضحك 
أنهت سلسبيل مكالمتها مع صديقتها لتلقي بهاتفها على الوساده التي تضعها على ساقيها شاردة في آخر نصيحة قدمتها لها صديقتها 
ابعتله رسالة واحاول اتواصل معاه
قالتها ثم حدقت بالهاتف وكادت أن تمد يدها وتلتقطه إلا أنها تراجعت تنهر نفسها 
اوعي يا سلسبيل اوعي تعملي كده 
نهضت من على الفراش حتى تغلق نور غرفتها وعادت تستلقي عليه ثم احتضنت وسادتها 
ابتسمت عندما تذكرت أول مرة وقعت عيناها على
حاتم منذ عامين كان ببذلة الشرطة يخرج من سيارته بهيبة ووقار اختطفوا فؤادها 
امتى هتحس بيا يا حاتم
في أحد كافيهات مصر الجديدة 
كان حاتم يلتقط يد إحداهن مبتسما 
شوفي الميعاد المناسب يا ماريهان واجي اتقدم لمعالي الباشا 
أخفضت الجالسة أنظارها بخجل مصطنع تمثل به الدلال قائلة
أنت بلغت ماجد الأول بعلاقتنا 
تنهد بقوة وسحب يده عن يدها قائلا
أبلغه إزاي وأنت اللي صممتي ميعرفش حاجة عن علاقتنا 
إلتمعت عينين ماريهان پحقد ل ابن عمها الذي لا يعيرها إهتماما 
لأ بلغه خلاص بعلاقتنا وياريت تكلم بابي في أسرع وقت ونتخطب يا حاتم  
دلفت سلسبيل الصيدلية وهي تحمل في يديها علب من عصير القصب وقد ارتفع صوتها بدعابه 
احلى عصير قصب لأحلى 
ابتلعت بقية حديثها وأخفضت رأسها بخجل عندما انتبهت على الجالس أمام الدكتور محمد الذي ابتسم 
أهي دي بقى سلسبيل يا سفيان الفاكهه بتاعتنا 
تعلقت عينين سفيان بها بإبتسامة أخفاها سريعا ثم هز رأسه قائلا بصوت خفيض بالكاد سمعه محمد 
هي فعلا شكلها كده 
اقتربت سلسبيل من فهيم الواقف خلف طاولة البيع وأعطته علبة العصير خاصته ثم اتجهت بخجل نحو الدكتور محمد لتعطيه علبته 
اتفضل يا دكتور 
بمزاح تساءل سفيان وهو ينظر نحو سلسبيل بنظرة رافقتها منذ دلوفها 
وأنا على كده مليش نصيب في عصير القصب إيه يا محمد هو أنت بخيل ولا إيه
ارتبكت سلسبيل وقد اندهش محمد من مزاح ابن عمه وشقيق زوجته ورفع أحد حاجبيه في تعجب وكاد أن يتحدث إلا أن فعلت سلسبيل جعلته يصمت ويراقب الأمر 
اتفضل العصير بتاعي أنا كده كده بشرب كل يوم 
لم يرفض سفيان عرضها بل تناول علبة العصير وأخذ يرتشف منها دون أن يسأل أسئلته المعتادة عن نظافة الأشياء 
طعمه جميل شكلي كده هبقى زبون دائم عند صاحب المعصرة 
بخجل ردت سلسبيل وهي تستدير بجسدها وتتجه نحو مكانها وراء طاولة البيع 
دا احلى واحد تشرب من عنده عصير قصب 
اتسعت إبتسامة سفيان واستمر بالنظر إليها لتضيق حدقتي محمد بفضول سرعان ما غادر بؤبؤي عينيه واحتلهم المكر  
و إرتوى الفؤاد 
بقلم سهام صادق 
الفصل الرابع
غمرت السعادة ملامح سلسبيل التي كانت للتو تغادر الصيدلية بعدما انتهى دوام عملها بالفترة الصباحية 
وقفت مكانها وعلى محياها ارتسمت إبتسامة خفيفة بعد أن تأكدت من هوية صاحب تلك السيارة التي لمحت قدومها من بعيد 
بالفعل وجدته هو من يترجل من سيارته وقد استعجبت قدومه اليوم فهي صارت تعلم مواعيد إجازته 
ابتسم حاتم عندما انتبه على وقوفها ثم حياها برأسه ومضى نحو مدخل البناية التي تتكون من عدة طوابق وملك للعائلة  
يا أهل الدار يا أهل الدار أنا جعانه أنا شامة ريحة محاشي ترد الروح 
قالتها سلسبيل عندما دلفت المنزل فضحك والدها الجالس أمام التلفاز ويشاهد أحد النشرات الإخبارية 
فضحتينا من على الباب 
تقدمت سلسبيل من والدها وغمزت بعينها قائلة
هي روحية راضية علينا ولا إيه
صڤعتها والدتها على رأسها بعدما إلتقطت أذنيها حديثها 
روحية راضية عليكم على طول اعملوا بس ليا زي ما أنا بعمل ليكم 
شوفي آهو جبتي لينا الكلام 
امتعضت ملامح روحية بعدما استمعت إلى رد زوجها لتقترب منه قائلة
هو ده اللي ربنا قدرك عليه يا رضوان ده انا واقفه في المطبخ بعمل ليك المحشي اللي أنت قولت نفسك فيه 
قلبت سلسبيل عينيها بينهما وسرعان ما كانت تبتعد عنهما وهي ترفع ذراعيها بإستسلام 
أنا بقول انسحب قبل ما يتقال ليا أنت السبب 
على الفور رد والدها بعدما هرولت من أمامهم 
محدش بيقلبها عليا غيرك وياريت بتقفي معايا 
صدح صوت ضحكات سلسبيل على ما فعلته فوالدتها صارت لا تمرر أي كلمة لوالدها  
في منزل سليمان الراشد والد حاتم 
كان صوت السيدة فاتن يرتفع برفض قاطع لما يخبرها به ولدها 
عايز تتجوزلي واحده من بتوع مصر لأ والف لا مالهم بنات عيلتنا ومعارفنا إسراء بنت عمك يعيبها إيه مال وجمال وعلام ولا أحلام بنت خالك دكتوره أد الدنيا 
تنهد حاتم بمقت ثم نهض من فوق المقعد الجالس عليه ونظر نحو والده الذي يتخذ دور الصامت
 

تم نسخ الرابط